لعنة الطفولة

لعنة-الطفولة-عائشة-اشفيعي.png
لعنة الطفولة
تحذير محتوى: تشمل القصة ذكر الاعتداء الجنسي.
عادت أمي من العمل وهي تولول كعادتها تشكو من آلام الظهر، حملت عنها الأكياس ثم عدت أغمس رأسي في التلفاز أشاهد المسلسل التركي مع أخواتي الثلاثة قبل أن يأتي أخي ياسين ويهد الشاشة فوق رؤوسنا كما فعلها من قبل مع مذياع جارتنا حليمة، لم تسكت أمي ل من الأنين و جعلت أختي زهرة تدلك لها رجليها العفنتين في الماء الساخن ثم نطقت:
أين أباكم؟
ردت زهرة:
- لم نره منذ أن تخاصمتما البارحة فخرج.
لمحتني أمي وأنا أبتسم لأني كنت متيقنا أنه لن يعود ثانية فقد كان دائما عندما يخرج يغلق الباب بعنف تاركا سيلا من الشتائم، لكنه ليلة أمس أغلق الباب دون إصدار أي ضجيج ورحل.
- إيلاما تبتسم؟ انهض يا ابن الكلب ابحث عن الكلب الذي أنجبك.
همت في الزقاق الضيق أنادي، ولا من مجيب. سألت أبا عمر، الذي يبيع السجائر بالتقسيط، لعله قدم عنده طالبا إياه لفافة تبغ رخيصة، لكنه هو الآخر لم يره منذ يومين. سألت أيضا الزيزوار القابع في رأس الريان، أجابني بتثاقل بأنه لا يدري. فجأة وقف أمامي إمام مسجد حينا بعمامته الصفراء وجلبابه الأبيض وسلهامه الأسود سألته بسذاجة لعله صادف أبي فرد بعصبية مفرطة:
- كيف لي أن أعرف أباك وهو كافر فاجر مدمن مخمور؟ قدمه لم تتخطى يوما عتبة المسجد.
ثم أمسك يدي بحنان ورفق واستطرد:
- تعال معي فقد نعثر عليه.
ذهبت معه آملا في أن نجده، أدخلني المسجد كانت تلك المرة الأولى التي أرى فيها المسجد من الداخل. كان غاية في البذخ والضخامة، سقف مرصع بالجبس الملون، تتدلى منه ثريات فضية جميلة، وعلى الجدار علقت ساعة حائطية كبيرة، تشير عقاربها إلى الحادية عشر ليلا. تساءلت مع نفسي:
كيف لهذا المسجد أن يتوسط حيا مهمشا أغنى سكانه يملك زربية حمراء كالتي في هذا المسجد؟
لم أهِم في تساؤلاتي كثيرا، فتصرفات سي الفقيه أيقظتني من مضجعي، وزرعت بداخلي رعبا. سارع لإغلاق الباب ثم ركض نحوي وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة ماكرة، مرر بلطف مبالغ يده الرخوة على رأسي، ثم وجهي ووصولا عند أسفل صرتي. شعرت بأنفاسه تقترب مني اكثر واكثر، قرب وجهه إلى وجهي حتى لامستني لحيته الرثة، حاول أن يغرس ثغره في ثغري فدفعته الى الوراء، توسلت إليه كثيرا بل وسقطت راكعا أقبل قدميه كجرو صغير أدخله صاحبه من الشتاء، لكنه كان كثور اسباني هائج هربت من بين ذراعيه وأنا أصرخ، لا أحد يسمع صراخي. سرعان ما القى علي القبض علي من جديد، أسقطني أرضا على وجهي وبسهولة مزق سروالي الرث، ورفع جلبابه الى الأعلى عاضا على طرفه بأسنانه البارزة. أدخل شيئه الكبير في مؤخرتي وأمسك بعضوي الصغير حتى كادت خصيتاي تنفقعا. وبعد أن أفرغ سائلا لزجا في مؤخرتي مرددا كلمات لم أفهم معناها، نهض من فوقي وهو يلهث ككلب عطشان تاه في الصحراء. انتظر حتى طلوع الفجر فقذف بي في الشارع وما هي إلا دقائق معدودات حتى سمعته يرفع الآذان كأن شيئا لم يقع،وكأنه لم يجن على طفل لم يتجاوز الثامنة ربيعا من عمره، دقائق قليلة عشت لعنتها لسنوات، ابن الكلبة خاصمني مع ذاتي واجتث مني رجولتي وجعلني كالذبابة أرتطم بجدران روحي الصدئة. كانت إهانة لم أنساها ولم أستطع تجاوزها رغم السنوات الطويلة التي مرت، لأن العودة الى الوراء مستحيلة استحالة كاملة. لم أشعر أبدا بالحاجة للقفز من على جسر كما فعلها أبي لكني أردت دوما أن أقفز خارج حياتي، خارج جسدي.
وبينما أنا واقف على الرصيف بعضلات مفتولة ولحية سوداء أنفث في سيجارتي الأنيقة أخرجني من ذكرياتي صوت زبون وقف بسيارته للتو:
افين ازين ... 300 درهم مع ليلة ساخنة تكفي؟
- نعم تكفي وزيادة.
 

عائشة اشفيعي 22 سنة، من المغرب، طالبة بالمعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة والرياضة بالرباط شعبة تربية الطفولة الصغرى، رئيسة فرع كلميم لشبكة القراءة المغرب وعضوة مكتبها الوطني، ممثلة مسرحية وفاعلة حقوقية في مجال الدفاع عن حقوق النساء



https://web.facebook.com/?_rdc=1&_rdr
https://www.instagram.com/aisha_chfiai/?hl=fr
https://www.youtube.com/channel/UC1s5ofny9v4tUBiNlIONYtg?view_as=subscriber

Previous
Previous

M(OTHER)WORK

Next
Next

"Best Friends"